سليم القياس
طالب باحث في سلك الدكتوراه
تعد القناة الانتخابية احدى القنوات الاساسية لدورة النخب المحلية و تجديدها .و ترجع اهمية تلك القناة الى ما يرتبط بالانتخابات المحلية من رهانات سياسية و اجتماعية و اقتصادية، و الفوز فيها يفتح أفاق للترقية الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية .و يكفي التذكير في هذا الصدد بالدوار المنوطة بالمجالس المنتخبة، و بالاختصاصات و السلط المخولة لبعض المسؤولين فيها . من خلال الاعتماد على الوسائل الانتخابية.
أولا : المال و الانتخابات
لعل أول ما تتعين الاشارة إليه بهذا الصدد هو أن استعمال المال للحصول على الأصوات الانتخابية أو لتحييد بعض المنافسين و كسب تأييدهم ، هي ممارسة شائعة و معروفة يعترف بها الجميع و تمارس على مرأى و مسمع الجميع و تعتبر من الأمور العادية الطبيعية ، التي لا يتم انكارها و استنكارها إلا من باب المزايدات السياسية.
و يتخذ استعمال المال من أجل كسب المعارك الانتخابية المحلية ثلاثة أشكال رئيسية و هي:
_ شراء خدمات بعض الأفراد الذين يتولون عملية الدعاية الانتخابية.
_ شراء الأصوات.
_ الولائم و الزرود.
_ هذا دون الحديث عما تستلزمه الحملة الانتخابية من نفقات التنقل و الاتصالات و طبع الملصقات الانتخابية الخ..
السؤال الذي نود طرحه هنا هو: لماذا يبيع بعض الناس أصواتهم ؟ لماذا يصوتون فعلا لأصحاب المال مع وجود إمكانية تسلمهم المال دون التصويت لصاحبه ؟ و هذان السؤالان يتعلقان في الحقيقة بالسلوك الانتخابي للمواطن.
فالعمليات الانتخابية إجراء احترازي يسعى دائما المرشح الى الاعتماد استراتيجية الاحتياطات لضمان نتائج استثماراتهم و التقليص من احتمالات خسائرهم ، و جملة الاحتياطات الاختيار الدقيق للأشخاص و الأسر إما بعض الأسر الفقيرة التي تعاني الجهل و الاستيلاب للحصول منهم على التزام أخلاقي و معنوي يعززه “العهد” أو القسم كتاب الله أو بأحد الأولياء الصالحين ، أما الولائم و المآدب فإن دورها في التأثير على السلوك لفئات عريضة من العامة ، و خاصة البادية مجرب و مؤكد ، فهي تمارس بالإضافة إلى التأثير الرمزي تأثيرا سيكولوجيا يساهم في تكريس التبعية السيكولوجية التي توجد فيها بعض الفئات الدنيا بالنسب أصحاب المال و السلطان من العامة من يؤرخ لحياته ، بذلك اليوم المشهود الذي يدفع به إلى وسط مجلس الأكابر و التي تحيطه يومه برعاية غير مألوفة …” زيد ما تحشمش” ” كول” ” خود هاذ الطرف و الله حتى تاكل هاذي ” ” راه حنا خوت اباك الله يرحمو كان خيرت الناس”.
ثانيا : الوعود الانتخابية و تلاشي الخلافات الايديولوجية بين المترشحين
مسار الانتخابي للمرشح لابد من تتميم المسار الديمقراطي بالعمل على القيام بالحملات الانتخابية كآلية لتعريف بالمنتخب من خلال الوعود الانتخابية (أولا) ، و تلاشي الايديولوجية بين المرشحين (ثانيا).
1 الوعود الانتخابية
ليست الانتخابات مناسبة لتوزيع المال فحسب ، بل هي بالأساس مناسبة لتوزيع الوعود ، بل الوعيد تشترك في ذلك جميع فصائل النخبة المحلية ، غير أن الفعاليات التي ترتكز على الإغراء بالوعود هي الفعاليات التي لا تسمح لها مواردها المادية بمنافسة العين في العطاءات و الولائم.
لذلك كان أسلوب الدعاية الانتخابية المفضل لدى المناضل و الأصولي يقوم بأساس على الوعد و الوعيد، و يمكن إجمال بعض العناصر التي يتضمنها خطابهما انطلاقا من تحليل محتوى بعض ملصقات الدعاية الانتخابية و محتوى بعض خطاباتهم الشفوية ، حيث يقولان ما لا يستطيعان كتابته في الملصقات فيما يلي .
_ الوعد بغذ أفضل و إيجاد حل لجميع المشاكل من مشكلة البطالة إلى الخدمات العمومية من تعليم و صحة و غيرهما ، مرورا بالمشاكل التي يعرفها الدوار و الحي و ما يتطلبه تحسين إطار عيش السكان من ماء و كهربة و تجهيزات و غيرها من التجهيزات التحتية.
_ التركيز على مساوئ المجالس السابقة و فساد المسؤولين السابقين ، و التذكير بممارستهم و خروقاتهم و ما حققوه أثناء توليهم للمسؤولية من مصالح و مكاسب شخصية على حساب المصلحة العامة.
_ الوعيد بتأزم الأوضاع و تفاقم المشاكل في حالة استمرار الأمور على ماهي عليه و في حالة منح الثقة للنخبة المنافسة.
_ التنديد بالرشوة و الفساد الإداري و خرق حقوق الإنسان، و ضرورة إرساء صرح ديمقراطية حقيقية تقوم على العدل و المساواة بين كافة أفراد المجتمع الخ…
_ أما النخبة المتواجدة في موقع المسؤولية فلها خطاب معاكس لذلك تماما.
2 تلاشي الخلافات الايديولوجية بين المترشحين
يلاحظ المتتبع للحملة الانتخابية المحلية وجود تشابه كبير بين خطاب كافة الأطراف المتنافسة ، وذلك بغض النظر عن طبيعة انتمائهم السياسية و الايديولوجية إلى درجة يستحيل معها ، أن نميز اعتمادا على شعارات و وعود مختلف المرشحين وحدها بين المنتمين لهذا الحزب أو لذلك .
فتلاشي الفوارق الإيديولوجية بين مختلف المرشحين أثناء الحملة الانتخابية تتلاشى أحيانا حتى بعض التعارضات المبنية على الانتماءات السياسية و لا نلاحظ ذلك على مستوى الخطاب وحده إنما نلاحظه أيضا على مستوى الممارسة. و من تجليات ذلك ما نعانيه من حين لآخر ظهور تحالفات انتخابية من نوع خاص لا تخضع لأي مقياس من المقاييس الانتماء السياسي أو الايديولوجي فكثيرا ما نجد مرشحا من أصحاب اليسار ينسق مع مرشح آخر من أصحاب اليمين ، قصد تبادل الاصوات و قطع الطريق أمام “اخ” أو “رفيق” له في النضال و كثيرا ما يتدخل أحدهم في دائرة غير دائرته الانتخابية لصالح مرشح ينافس مرشح الحزب الذي ينتمي إليه ، و تلعب الانتماءات العائلية و العشائرية و القبلية أحيانا العلاقات الشخصية ، بالإضافة إلى الصراعات الداخلية التي تعرفها بغض التنظيمات الحزبية ، و ما تولده تلك الصراعات أحيانا من أحقاد و ضغائن شخصية، دورا مهما في ظهور هذا النوع من التحالفات التي تتنافى من الناحية المبدئية مع الحداثة السياسية.