د. عبد اللطيف سيفيا

بقية الحديث … إن ما أثار استغرابي هو أن الورد والزهر الذي أقدمه لبعض الناس لا يستأنسون برائحته الطيبة ولا يستسيغون جمال ألوانه الزاهية ولا يفهمون أبعاد ثقافته الراقية ولا يتجرؤون على فك ورموز معانيه النبيلة ، ولا يتبادر إلى ذهنهم حتى مجرد احتوائه في مزهرية وسقيه والعناية به ، لتدوم ثقافته وتنتشر وتعم وتصبح لغة خطاب بين الخاصة و العموم ، تحمل ألف معنى ومعنى في المحبة والسلم والأمان والتعايش والتكامل والتعاون المجدي ، بعيدا عن معنى ألف ليلة وليلة الملاح ،  المعثق بالفسق والمجون والعهر الثقافي والاجتماعي و السياسي… إلى غير ذلك ، مما ينهجه المفسدون الذين هم منهمكون في جنون في احتواء الأوضاع بكل الوسائل ، لإخضاع بني البشر لسلطتهم وجعلهم عبيدا لنزواتهم والعمل على إفقارهم ليزداد عناء هؤلاء ليتضاعف غناهم هم ويربو ويدوم ، وتبقى كلمتهم هي العليا وكلمة بني البشر هي السفلى ، وكأنهم إليهم لا ينتمون ، وكأنهم قدموا إلى الأرض الطيبة من كواكب أخرى لفظتهم ولم تعد ترضى بهم أو تتحمل فسادهم ، ليحلوا بالبسيطة غزاة ، سياستهم اللعينة تصب في حرق كل ما  ومن لمسوا فيه حب خدمة البلاد والعباد عن طواعية ، ليستولوا على الخيرات يقيدوا المعاصم والأرساغ والرقاب ، ليصبحوا الآمر والناهي ، بل ليمثلوا الصنم الإلاهي ويستبيحوا لأنفسهم ما يشاؤون ، ويحرموا على غيرهم كل الطيبات ، ويحولوا حياة من دونهم كدرا في كدر …

وكل هذا من صنع بني البشر ، ظنا منه أنه في هذه الحياة معمر …بلى إن البقاء لله الواحد القاهر…فماذا لو تحاب الناس ونشروا فيما بينهم ثقافة التآخي ليشتد ساعدهم ضد كل أنواع الضياع والخراب ، وأسسوا لحياة أسسها التلاقي والتعارف والتعاون والتعايش والتكامل حتى يجعلوا من هذه الأرض جنة تتسع للجميع فينعموا بخيراتها  ونكون قد أحسنا الصنيع…وللحديث بقية…