بقلم الدكتور عبدالله شنفار
لقد يئس المغاربة من سوء استعمال وسائل التواصل الاجتماعي، وأصيبوا بالملل والضجر جراء كثرة الإشاعات والكذب والاستخفاف بذكائهم وعقولهم.
اصبح الناس يتم دفنهم تحت اطنان من التجهيل والقناطير المقنطرة من المغالطات؛ من خلال فسح المجال للتفاهة والرداءة والانجراف نحو عقول الانحطاط الثقافي والسخافة والتفاهة ونجومية التافهين الفارغين؛ الذين لا ثقافة ولا سلامة في افكارهم ولا تفيد في شيء.
ترى ما الذي يدفع ببعض الأشخاص إلى استغلال أحزان الناس والركوب على الدناءة من أجل الإساءة لسمعة الغير وترويعهم وتخويفهم ومحاولة إرباكهم؟
التفاهة لغة؛ هي انعدام القيمة والأهمية، وغياب الإبداع والبلادة والغباء، كما قد تعني الحقارة والدناءة. كل هذا وأكثر؛ بإمكان التفاهة أن تستوعبه. فالقاعدة تقول “خالف الناس لتُعرف”؛
لكي يكثر المعجبون بك، والمصفقون لك، والمقبلون عليك؛ يكفي صناعة الحدث من خلال إشاعة او كذبة او قول كلام مخالف للمنطق والمعقول واليقين.
أما الإشاعة فهي من أخطر الأمراض التي بواسطتها يحاول البعض صنع المجد من خلال وسائل الضغط على الأشخاص والمسؤولين والأغلبية والمتفوقين والخصوم… وغيرهم من الناس ضعاف النفوس والشخصية.
فكم أقلقت الإشاعة والتفاهة من عظماء ومسئولين. وكم هدمت وفككت من علاقات ووشائج وصداقات. وكم هزمت من جيوش وأدخلت من اشخاص الى السجن وهم أبرياء.
لهذا السبب نجد في المجال العسكري والأمني، التنصيص على واجب التحفظ ومنع الجنود من التحدث في المقاهي والأماكن العامة التي تخص المجالات التي تهم الحياة العسكرية والحيوية والاستراتيجية والأمنية للبلد وتتبع كل ما من شأنه التأثير على معنويات الجيوش من اشاعات وأخبار زائفة.
هذا، وقد انتشرت في الآونة الأخيرة في العديد من الأماكن العامة ووسائل التواصل والإعلام؛ يافطات كتب عليها: (توقف عن جعل الناس الأغبياء مشهورين).
(Stop making stupid people famous / arrêter de faire des gens stupides célèbres)
وبالتالي فالدفع بالتافهين إلى الواجهة والمقدمة، يعد جريمة في حق الإنسانية؛ بل هو نوع من زرع الغباء والخوف والرعب الجماعي لدى الجماعات والأفراد.
إن نهج واتخاذ من سلوك الإشاعة والكذب في زمن السخافة والانحطاط القِيَّمي؛ أستسمح القاري من كثرة الحشو والإطناب والتكرار والركاكة والإزعاج الفكري والأسلوب المبتذل في التعبير؛ أصبح يتخذ عدة أشكال وعدة صور للربح السريع وتحقيق تغذية حقد دفين.
فوا حسرتاه! لقد أصبحنا الآن، مع الأسف الشديد؛ نعيش عهد وزمن ال ( buzz) والشدوه والسقوط ومؤامرة الصمت والمكر والخداع والسطحية والشرود الدهني وتكثيف في العلاقات الغير تضامنية والنحس والقهر والإذلال والخلل الاجتماعي في العلاقة والنفاق الاجتماعي وشتى العقد والأمراض النفسية والتفاهة، والذهول، والخواء والمتاهة والمقت والردة، والبلادة، والسذاجة والغباء، والعبث، والغدر، والخيانة والمكر والكذب والسوء والخبث والشر والدسائس والمناورة والرتابة، والوهَن والضحالة، والقحالة في الأسلوب والحقارة، والاستهزاء والازدراء والانتهازية والوصولية والاستخفاف بذكاء وعقول الناس وانعدام المعنى والقيم، والمروءة، والتدني الأخلاقي؛ وقلة الحياء والأدب؛ -والعياذ بالله-؛
وكل ما جمع قاموس ومعجم اللغة العربية من كلمات القبح والمقت.
هذه الاشاعات والأكاذيب هي التي تسمح لشخص أو أشخاص قليلون وتافهون وجاهلون ومنحطون وقليلي الحياء؛ بأن يتاجروا في شتى أنواع الإشاعات والكذب. فيحققون أحيانا من وراء ذلك أرباحًا مادية أو معنوية أو انتخابية؛ فيعمدون إلى تبييض أموالهم من خلال مشاريع طفيلية، فيغدون ويصبح هؤلاء التافهون الطفيليون النكرة رمزا وقدوة ومالكي الحكمة في المجتمع، لا بل أصحاب الرأي والمشورة والسلطة والقول؛ أمرا ونهيا ويتحكمون في الرأي العام الاجتماعي والسياسي من خلال القدرة على المناورة وصنع الدسائس والمكر واثقان الخداع والكذب المشاؤون بنميم وارتداء لباس التقية احيانا ويفصلون، وقادرون على ركوب الدناءة من أجل الإساءة للغير.
الإنفلونزا من نوع كورونا؛ هذا الفيروس من النمط المتجدد؛ هو فيروس جديد لم يشهده الناس من قبل. لكن يمكن ان يقودك إلى العالمية في زمن التفاهة.
فهؤلاء عاجزون على فهم قضايا المجتمع ومتناقضات الحياة ومتطلبات الشعوب والأمم.
وختاما؛ فالإشاعة والكذب: من إنتاج وتأليف شخص خبيث وجبان، وسيناريو وإخراج شخص حاقد، ونشر وتوزيع شخص آخر حقير وتصديق، مع الأسف من إنسان ساذج.
إن الإنسانية تهوي في انهيار أخلاقي واجتماعي وقيمي سحيق؛ إنه عالم العبث واللايقين ولامعنى.