الدكتور عبد اللطيف سيفيا – المغرب –
بقية الحديث … خرج طاقم وزارة الصحة بالمرفق الاستشفائي الكبير لمدينة طنجة في وقفة احتجاجية يستنكرون فيه الطريقة البدائية التي طولبوا فيها لمواجهة الوباء الفتاك والقاتل كورونا ، الذي عجزت على محاربته دول عظمى مثل الصين وإطاليا وفرنسا والولايات المتحدة وغيرها ، التي جندت له كل قواتها البشرية من مسؤولين وعلماء وخبراء وغيرهم وسخرت أيضا كل أجهزتها الكبيرة والصغيرة الرسمية كالجيش والأمن والشرطة والوقاية المدنية والمختبرات والمستشفيات ، المجهزة بآخر طراز من آليات العمل ، والأطباء والممرضين والإمكانات الهائلة المتنوعة التي تدخل في نطاق الصحة والوقاية وغيرها كالأدوية والمبيدات والمطهرات والمعقمات ووسائل الوقاية المختلفة ، بما فيها الكمامات والملابس الواقية ، إلى أبسط الأمور والأشياء التي اعتبروها هامة وضرورية كعويدات صغيرة خصصوها للضغط على أزرار المصاعد الكعربائية التي تقلهم إلى إلى مقرات سكناهم أو أماكن العمل ، بالإضافة إلى توفير وسائل التوعية للمواطنين ودروس التكوين للأطباء والممرضين وكل العاملين في قطاع الصحة وغيره ، حتى يكون الجميع على استعداد لمواجهة هذا الوباء الكوروني خاطف السرعة من حيث الانتشار والفتك بضحاياه بصورة شرسة ومتوحشة ، لدرجة أن الجميع باتوا يرونه يهدد حياتهم وحياة أبنائهم و… بلا شفقة أو رحمة فذاقوا الرعب والخوف على أنفسهم وأهلهم ودويهم ، مما دفع بالدول إلى الإسراع في اتخاذ التدابير الصارمة والجادة لإنقاد شعوبها وزرع الأمل والاستقرار النفسي والصحي فيها حتى تعود الحياة إلى وضعها الطبيعي .
في حين نجد وزارة قلة الصحة لدينا تترك العاملين فيها من أطباء وممرضين وغيرهم حفاة عراة عزلا ، وتطلب منهم استقبال المصابين بهذا الوباء القاتل الذي اعتبرته منظمة الصحة العالمية خارجا عن الطوع وأكدت خطورته وسهولة انتقاله بين الأشخاص ، بحيث أودى بحياة الآلاف من المصابين به ، بمن فيهم الساهرين على تطبيبهم ، كالطبيب الصيني الذي كان أول من تمكن من الانتباه إلى هذه الظاهرة الوبائية الخطيرة والتعرف عليها من خلال محاولته لمعالجة المصابين الأوائل بفيروس كورونا ، فلم يأبه له المسؤولون الصينيون الذين تفهوه وتأخروا في مواجهة هذا المرض القاتل الذي حصد أرواح عدد كبير من مواطنيهم رغم كل ما قاموا به من مجهودات جبارة للحد من انتشاره .
لكن الوقت كان قد فات فعلا وخرج عن السيطرة ليكتسح الصين وتصاب به بلدان أخرى مجاورة ، ثم انتقل ليعبر الحدود البحار في سرعة متناهية إلى كل من إيران وكوريا الجنوبية ولبنان وبلدان أوروبا التي دخلت في صدمة كبيرة وقررت تغيير نمط حياتها في كل الميادين لمواجهة الوباء المعظلة ، فأغلقت المدارس والثانويات والجامعات ، ومنعت التجمعات على شتى أنواعها وأشكالها ، وأجبرت مواطنيها على التزام مقرات سكناهم وفرضت عليهم الحجر الصحي لهدف اتقاء الإصابة بهذا الغول الكاسح “وباء كورنا المستجدة” .
لكن وزارتنا لقلة الصحة ترى شأنا آخر بخصوص هذا الوباء ، بحيث أمرت أطباءها ومن يتولى معهم رعاية المرضى والمصابين واستشفاءهم ، بسلك طرق تقليدية في ذلك دون تزويدهم باللوازم الوقائية الضرورية ، بالإضافة إلى قلة الموارد البشرية ، مما سيدفع بهم ، أي الطاقم الطبي ومن معهم ، إلى المغامرة بحياتهم وحياة أبنائهم وكل من يحتكون به أو يصادفونهم في الطريق أو العربات أو الأماكن التي قد يزورونها لقضاء أغراضهم وحاجياتهم اليومية ، مما سيجعل الأمر يخرج عن السيطرة بانتقال الوباء بكل سهولة إلى الآخرين وانتشار العدوى حفظنا الله وإياكم منها ومن تبعاتها ، التي لسنا قادرين على مواجهتها والحد منها إلا بقدرة قادر .
فما هذه الارتجالية التي سئمنا منها والتي يقبل عليها القائمون على قطاع قلة الصحة في بلدنا ؟
أيظنون أنهم يغازلون ، كما عهدناهم ، ضربة شمس خفيفة تزول أعراضهابتناول حبة الأسبيرين ؟
أم أنها نزلة برد خفيفة تمر حماها بردا وسلاما بمجرد تناول كيس صغير من الأسبيجيك ؟
أم أنه تقاعس في المسؤولية سيمر مر السحاب دون أن يسجله التاريخ بقلم أسود في سجل الإنسانية ، ويتبع أصحابه ممن لم يؤد الأمانة ، ككلب أسود يستمر في نهش ضمائرهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، ويوتى كل كتابه بشماله ، وتلقفهم نيران جهنم بنهم ، وتقول هل من مزيد؟
هيهات ثم هيهات فإن الدنيا فانية وكلا سيجزى حسابه ولو كان من حبة خرذل ، والعبرة لمن اعتبر … وللحديث بقية .