Friday 29 March 2024

عصابة البوليساريو مفزوعة ومصدومة من موقف إدارة ترامب في قضية الصحراء

الشروق المغربية

أصعب المواقف، أن لا تكون أقدارنا بأيدينا، و نراها تتسرب من بين أصابع من لا يقدرون قيمة النضال و الوطن، أما أصعب امتحان، فعندما نجد أنفسنا صحافة و قيادة و مناضلين و تجار و منضرين و… أمام طفل صغير يلقي علينا سؤالا كبيرا عن الوطن، و نحن لا نملك الإجابة، ذلك أننا شعب تخلى عنه الحظ، و فقد كل أسرار قوته، و أصبحت الحقائق التي تخصنا تنشر بعيدا عن الديار، حول المخيمات، فقد نشرت جريدة “الوول ستريت”، خبرا مفزعا عن القضية الصحراوية بعد أن نقلت للعالم وجهة نظر البيت الأبيض و كذا رأي باقي مؤسسات الولايات المتحدة الأمريكية، حول ملف الصحراء الغربية، حيث قالت “أن الاستقلال ليس خيارا بالنسبة للولايات المتحدة لتسوية النزاع حول الصحراء الغربية”.

قبل التفصيل في تحليل المقال، علينا أن نعرف من هي جريدة “الوول سترييت”، و لماذا منح لها الخبر دون غيرها من الجرائد و المواقع، و من هم قرائها، ثم ما سر هذا التوقيت بالضبط.. !؟، إذن لا بد من معرفة أن “الوول ستريت” هي الذراع الإعلامي لأضخم تكتل صناعي و تجاري في العالم، أي أنها لسان المؤسسات الاقتصادية التي تصنع القرار السياسي الأمريكي و تتحكم فيه، و أن أي خبر تنشره يكون محل إجماع كبار مسؤولي المؤسسات المالية الأمريكية العاملين في بورصة “وول ستريت”، المركز المالي العالمي حيث تقرر قيمة العاملات و المعادن النفيسة كالذهب و الماس و اليوانيوم، و البترول…، و البورصة التي تمول كل الحروب الأمريكية الاقتصادية و حتى العسكرية، و هي البورصة التي تفتي في السياسة الأمريكية و تتدخل في قرارات البيت الأبيض، ببساطة أن جريدة “الوول ستريت” هي لسان منظومة الحكم المالي و السياسي للنظام الأمريكي.

هذا التعريف – المدخل للمقال، سيساعدنا على فهم الطريقة التي تتخد بها القرارات في عاصمة العالم، و كيف يتم تحديد مصير قضايا الأمم، و لابد لنا قبل التفصيل العودة إلى ما نشرته الزميلة “راديو ميزيرات” و بالضبط إلى الفيديو الذي أذاعه الزميل “الساهل ولد اهل ميليد” قبيل عيد الأضحى، حيث قال فيه أن المحتل حاول إدخال ملف الصحراء الغربية في صفقة القرن، و أن الإدارة الأمريكية رفضت المقايضة جملة و تفصيلا و شكل ذلك صفعة الرباط، لكن الزميل الصحفي نسي و هو يبث لنا الحقائق أن يبلغنا عن مصدر معلوماته، و لم يكشف لنا المسؤول الأمريكي الذي خصه بتلك المزحة، و لا حتى الوكالة التي أذاعتها على سبيل جس نبض المحتل، لأن ما قاله لا يرقى إلى رتبة الخبر بغياب المصادر، و يضل هو مجرد خاطرة نزلت على قلبه و أراد أن يناقشها مع الشعب الصحراوي ليهدئ من روعنا، متجاوزا الأعراف الصحفية التي تقوم عليها قواعد الإخبار، و عقد المصداقية الذي يكبل الصحفي…، ممارسا علينا التضليل و الكذب و التمويه لغرض ما.

و حتى لا تسرق كذبة الصحفي “ولد أهل ميليد” منا هذا المقال و ما نحن بصدد البوح به و تحليله، نعود لما نشرته “الوول ستريت” الأمريكية التي أكدت بأن الإدارة الأمريكية تستثني خيار الاستقلال من الحلول المقترحة لملف الصحراء الغربية، بل و تضيف أنه لا مكان في الغرب الإفريقي لدولة جديدة، بعدما فشلت تجربة السودان الجنوبي الذي رغم التقسيم لم يحصل السلم، و تؤكد بذلك ما نشره الصحفي الفلسطيني “عبد الباري عطوان” بلندن في جريدة “رأي اليوم” بعد أن خصه الرئيس الموريتاني السابق “ولد عبد العزيز” بسبق صحفي في حوار أجراه معه بتاريخ 10 أبريل 2019، بأن “الدول العظمى ترفض وجود دولة تفصل بين المغرب و موريتانيا”، و هو كلام سبق ظهور صفقة القرن التي أتى لنا صحفي الخواطر و الروحانيات “ولد أهل ميليد” بفرية المقايضة عبرها.

خطورة المقال مصدرها قوة الجريدة الأمريكية و مستوى وصول صحفييها إلى مراكز القرار، حيث أن الصحفي الذي كتب الخبر و وضع التحقيق، قال بان أمريكا تصنف البوليساريو كحركة أو منظمة “ماركسية”، و أضاف أن أمريكا تؤمن بوجود علاقة بين قيادتنا و بين الإرهاب المنتشر بالمنطقة، و هذا أمر خطير جدا، و لا يمكن تجاهله، و قد جاء نشر المقال مع دعوة الأخ القائد “إبراهيم غالي” للشعب الصحراوي إلى التطوع في الجيش، و قوله أن خيار الحرب محطة إجبارية، و قد أعقب كلام الرئيس تحريك الرباط لترسانة عسكرية غير تقليدية إلى المناطق المحتلة، وهذا مؤشر على أن الرباط لم تعد تتجاهل تهديدات القيادة، و تأخذها على محمل الجد، و هو الشيئ الذي جعل الرئيس في موقف حرج، فإما ينفذ تهديداته، أو أن يعتذر للمنتظم الدولي الذي يسعى لإيجاد حل سلمي.

لكن ما كتبه الصحفي الأمريكي عن وجود علاقة بين القضية الصحراوية أو القيادة و بين التنظيمات الإرهابية، ما كان الصحفي ليتجرأ على قولها لولا وجود دلائل، و لا يمكن لجريدة من قيمة “الوول ستريت” أن تسوق اتهامات مجانية و هي تعلم أن القيادة قد تقاضيها على ما نشر، غير أن الإدارة الأمريكية أو المصادر التي مكنتها من الخبر، دون شك منحتها ما يكفي من الأدلة كي تحمي سمعتها و وضعها القانوني، و بالتالي فإن المحتل قد يكون قدم للإدارة الأمريكية ما يكفي من الأدلة ليقنعها بوجود علاقة بين القيادة و تلك المنظمات التي تعثوا بالفوضى في منطقة الغرب الإفريقي، و المحتل يمتلك تكنولوجيا الأقمار التي تمكنه من رصد دبيب النمل فوق رمال الصحراء الشاسعة.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *