الشروق المغربية : د عبداللطيف سيفيا
بقية الحديث … لقد عمرت القضية المفتعلة التي تخص الصحراء المغربية طويلا لما يفوق 50 سنة ابتداء من سنة 1975 م حين تبنى هدا الطرح معمر القذافي رئيس جمهورية ليبيا الهالك بمعية رؤوس النظام الجزائري بداية من الرئيس الهالك بومدين المعروف ببوخروبة الذي انقلب على المغرب ولم يف بوعده للمملكة بخصوص الوقوف إلى جانبها لاسترجاع صحرائها من الإسبان ، ليرعى الصراع الذي عرفته المملكة المغربية مع عصابة البوليساريو التي حاول أن يزودها بكل الامكانيات والأساليب لخوض الحرب ضد المغرب ، الذي لا تعد فضائله على الجزائر ولا تحصى في ما قدمه ملوك المملكة العلوية الشريفة للجارة الجزائر من مساعدات جليلة مادية ومعنوية ولوجيستية ، لتنال استقلالها من دولة فرنسا التي استعمرتها لمدة طويلة ناهزت 120 سنة ، وقد سار على درب الرئيس بوخروبة كل من الرئيس السابق بوتفليقة والحالي عبد المجيد تبون ، هذا الاخير الذي يعتبر رئيسا صوريا دون هبة ولا همة ولا قرار ، بحيث يتم تحريكه كالكركوز عبر خوط يتحكم فيها النظام العسكري الجزائري الذي يرأسه الجنيرال المسن شنقريحة ، الذي يسير البلاد بطريقة دكتاتورية تعتمد على قمع كل من يعارضه ولا يسير في طريقه فيستعمل كل طرق التعذيب والترهيب و الوحشية المفرطة في ذلك والقضاء عليهم كالسجن الانفرادي والقتل والاغتيال .
وقد اغرقوا دولة الجزائر في الديون بسبب تبديد الثروات الوطنية الطبيعية التي تزخر بها الجزائر كالبترول والغاز والذهب والحديد وغير ذلك مما أفاض العائدات بالعملة الصعبة صرفت في غير محلها ، خاصة على مرتزقة البوليساريو ، وفي أمور رؤوس الفتنة الجزائريين وأتباعهم ليملأوا بها رصائدهم بالخارج ويستثمروها في مشاريع خاصة بهم وبأقاربهم بعدة دول غربية دون أن تستفيد الجزائر وشعبها من ذلك مما جعل الشعب الجزائري يعيش الويلات والأزمات لما تتخبط فيه بلادهم من أوضاع اقتصادية واجتماعية وسياسية …
وقد عاشت الجزائر على امل ابتداع دولة وهمية كل هذه السنسن الطويلة دون أن تحقق أي إنجاز يذكر سوى انها كانت السبب في خلق القلاقل والفتن في المنطقة ، الأمر الذي خلق لها عداوات كبيرة مع جيرانها من دول شمال إفريقيا التي لم تتوان في زرع الأفكار المتطرفة ونشر الجماعات الإرهابية وتفعيل نوايا الشر وتكريس الإديولوجيات الخبيثة وأفكار التفرقة بين الشعوب .
ألا أن غالبية دول العالم والهيئات الدولية قد فطنت إلى ألاعيب نظام الجزائر الغاشم وبدأت تستفيق من التنويم المغناطيسي الذي مارسه عليهم حكام الجزائر الذين أصبحت فضائحهم بجلاجل مدوية نبهت كل سياسيي العالم وجعلتهم يقفون على حقيقة هؤلاء البلطجية والمخادعين الجزائريين الذين استنفذوا كل أوراق لعبهم واصبحوا اضحوكة للعالم .
هؤلاء الحكام الجزائريون . حكام القوة الضاربة ، والذين لا يثقنون ألا البلادة ، ظنوا أنهم أذكياء واختلقوا مشكل الصحراء الغربية لهدفين اثنين وظنوا أن لعبتهم هذه ستنطلي على المغاربة والعالم ، الا وهما هدف استحواذهم على جزء من الصحراء المغربية لخلق طريق تعبرها نحو واجهة أطلسية ، والهدف الثاني هو محاولة غلهاء المغرب عن الجزء الشرقي من الصحراء الذي هو مغربي محض ولا غبار على مغربيته وذلك بالدلائل القانونية والحجج الدامغة التي تؤكد ذلك .
وقد استطاع المغرب رغم كل القلاقل التي أبدعت الجزائر في خلقها وتمادت في تمويه الراي العام الإقليمي والدولي منصبة نفسها طرفا محتضنا لجبهة البوليساريو المزعومة تحت الطاولة متبعة طريق التحايل على القانون ومتبعة في ذلك كل ما توفر لها من إمكانيات التدليس والخبث للإيقاع بالمملكة الشريفة في شراك منسوج من خيوط العنكبوت الواهية ، استطاع المغرب أن يفرض نفسه بكل قوة وتقة في النفس باقتراحه لفكرة الحكم الذاتي التي حظيت باحترام الجميع دولا ومؤسسات وهيئات إقليمية ودولية التي سارعت إلى مباركة هذا القرار الذي رأت فيه واقعية ملموسة وحقيقة تفرض نفسها بقوة ، بعد أن خطا هذا الاقتراح المغربي عدة خطوات وأولته الأمم المتحدة أهمية قصوى في انتظار طرحه يوم 14 أبريل الجاري في جلسة مغلقة مرتقبة لمجلس الامن التي ستخصص لملف هذا النزاع الذي دام لعقود كثيرة والذي بات اليوم على عتبة مفصلية غير مسبوقة التي تأتي في سياق إقليمي ودولي متغير تطبعه عدة مؤشرات توحي باقتراب حسمه لصالح المملكة المغربية التي تقترح حلا سياديا ألا وهو الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية ، هذا الطرح الذي لقي دعما قويا ومتناميا من قبل قوى دولية مؤثرة وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية .
ومن المرتقب ، خلال هذه الجلسة ، أن يشكل محور الجلسة التقرير المسرب لرئيس بعثة المينورسو بالصحراء هذه البعثة التابعة للأمم المتحدة ، بحيث يشيد التقرير بالتعاون الذي أبدته المملكة المغربية والقوات الملكية المغربية مع البعثة ويقابله بتنديد ما وصف بالعراقيل الممنهجة التي وضعتها جبهة البوليساريو التابعة للجزائر شرق الجدار الأمني العازل ما يعيق تنفيذ مهام قوات المينورسو خصوصا فيما يتعلق بمراقبة وقف النار ، مما يبين أن الموازين على الأرض فعلا تغيرت وأيضا في تغير اللغة بحيث أن الأمم المتحدة بدأت تخرج من الرماد الخطابي ، هذا الانتقال نحو تسمية الأمور بمسمياتها في وقت بات فيه من الصعب التغاضي عن السلوك المعرقل لتنظيم جبهة البوليساريو التابعة للجزائر .
هذه التحركات المغربية الأخيرة في العاصمة واشنطن عاصمة القرار العالمي وعلى راسها اللقاء الذي جرى بمقر وزارة الخارجية الامريكية بين ناصر بوريطا وماركو روبيو عززت من الزخم الدبلوماسي الأمريكي والمغربي قبيل انعقاد هذه الجلسة ، جلسة مجلس الامن الدولي ، وقد أكدت إدارة ترمب السابقة والحالية دعمها القوي لموقف المملكة الشريفة وجددته في إطار منح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية تحت السيادة المغربية واعتبرتها الإطار الوحيد لحل عادل ودائم لهذا النزاع ، حتى انها دعت الأطراف المعنية المتدخلة إلى الانخراط دون تأخير فيما أسمتها مفاوضات تنفيذ الحل النهائي بمعنى أن لا حل لملف الصحراء إلا تحت السيادة المغربية .
كما صدر عن الأمم المتحدة قرار بإغلاق مفوضية اللاجئين المتواجد بجنوب الجزائر بشكل نهائي بعد ان قررت واشنطن دعمها المالي لهذه الهيكل ، وهذه الخطوة وإن بدت إدارية في ظاهرها فإنها في عمقها السياسي تعادل إعلانا غير مباشر عن تغيير في الوضع القانوني لسكان هذه المخيمات الذين لم تعد الأمم المتحدة تنظر إليهم كلاجئين إلى الجزائر بل كأشخاص مقيمين بصفة دائمة في جنوب الجزائر وهذا هو وضعهم القانوني لان تندوف والبوليساريو الآن يعيشون ويقيمون دولة بجنوب الجزائر ، ما يسقط وضعيتهم كورقة ضغط تستعمل في المحافل الدولية من قبل الجزائر والدبلوماسيتها.
كل المؤشرات تنبئ اننا امام منعطف نهائي يؤكده اجتماع 14 أبريل الجاري الذي سيكون فيصلا يحمل بين طياته احتمال صدور مواقف اكثر نضجا ووضوحا من بعض أعضاء مجلس الامن لتبلور توافق دولي لحل هذا النزاع بشكل نهائي في ظل الدعم الأمريكي ، الفرنسي ، الإسباني وكثير من الدول المؤثرة ، وفي ظل تغير ميزان القوى على الأرض وتآكل الخطاب الانفصالي المدعوم من الجزائر وتزايد الاعترافات الدولية بسيادة المملكة المغربية على أقاليمها الصحراوية الجنوبية.
وهكذا فإن المغرب سيدخل هذه الجلسة وهو في موضع قوة عسكري ودبلوماسي وتنموي أيضا لأن الأقاليم الجنوبية المغربية قد نالت نصيبها الاوفر من عدد من أوجه التنمية ، كما ان المغرب قد أبان عن حسن النية في حل هذا المشكل وواقعيته في الطرح والفاعلية والاستدامة، عكس ما ظهر من الأطراف الأخرى التي حشرت نفسها في زاوية مظلمة وتبني سوء النية والجمود وخدمة أجندات إقليمة ضيقة
وهكدا سيكون المغرب قد تمكن من وضع نهاية لمشكل عمر طويلا وعانى منه الأمرين ليغلق الثقب الذي كانت تتسرب عبره سموم وقذارات الحاسدين من فرض واقعيته السياسية والدبلوماسية والسيادة على ربوعه الجنوبية الصحراوية ليظل المغرب في صحرائه وتظل الصحراء في مغربها … ونبينا عليه السلام … وللحديث بقية .



